مع تصاعد وتيرة الحرب والقصف الإسرائيلي في لبنان باتت توجهات السفر إلى دول الجوار ودول الإغتراب إحدى الخيارات المطروحة لدى الكثير من العائلات اللبنانية لاسيما الذين لديهم أولاد أو أقارب في بلاد الإغتراب. لكن مسألة توفّر رحلات من لبنان إلى كافة دول العالم باتت شبه مستحيلة في المدى المنظور، ومرتفعة الأسعار بشكل هائل في المدى المتوسط والبعيد.
أسعار خيالية
منذ وقوع جريمة تفجير البايجرز في 17 أيلول الفائت من قبل إسرائيل وما تلاها من غارات كثيفة في مناطق البقاع والجنوب وضاحية بيروت الجنوبية وبيروت الإدارية ارتفع مستوى الطلب على حجز تذاكر السفر وترافق مع تعليق الغالبية الساحقة من شركات الطيران الأجنبي رحلاته من وإلى لبنان. وباتت شركة طيران الشرق الأوسط (الميدل إيست) الرابط الوحيد بين اللبنانيين والعالم، فزادت الشركة عدد رحلاتها اليومية تماشياً مع ارتفاع الطلب على المغادرة إلى مختلف دول العالم خصوصاً إلى دول الجوار.
امتلأت حجوزات الطيران بشكل متسارع جداً ونفدت تذاكر السفر بسبب الضغط على الطلب والهروب من الحرب ولكن الآلاف من العائلات لم تتمكّن من الخروج من لبنان إما لعدم توفّر الحجوزات على المدى المنظور أو لارتفاع أسعار تذاكر السفر بشكل هائل.
وقد بلغ سعر تذكرة السفر من لبنان إلى الإمارات 42000 درهم إماراتي أي نحو 12 ألف دولار، على ما يؤكد مصدر معني بالحجوزات مقيم بالإمارات، فالحجوزات تراوحت منذ أسابيع قليلة بين 1200 و1500 دولار إلى أن تصاعدت وتيرة الحرب ونفدت التذاكر فباتت الأسعار أشبه بالسوق السوداء. وبلغت تذكرة السفر إلى الأردن أكثر من 1000 دولار مرتفعة من 370 دولاراً، وإلى العراق تراوحت تذكرة السفر بين 1800 و2000 دولار مرتفعة من 250 دولار أما إلى تركيا فتراوح سعر تذكرة السفر بين 900 و1300 دولار مرتفعة من نحو 200 دولار وإلى قبرص كذلك الأمر وإلى بعض دول أوروبا تجاوز سعر البطاقة 2000 دولار. وليست الأسعار الخيالية لتذاكر السفر بالعائق الوحيد للهروب من الحرب إنما أيضاً نفاد التذاكر على مدار الأشهر القليلة المقبلة.
المغادرون
ترتفع حركة المغادرين عبر مطار بيروت على مدار شهر أيلول بشكل لافت لكن منذ 17 أيلول تاريخ وقوع جريمة تفجير البايجرز وحتى نهاية أيلول بلغت حركة المطار 166534 شخصاً منهم 100958 مغادر اي أن أكثر من 60 في المئة من العابرين في المطار هم من المغادرين.
في المقابل تراجع عدد رحلات الطيران المغادرة من لبنان من 96 رحلة مطلع شهر أيلول (1-9-2024) الى 48 رحلة في نهاية أيلول (30-9-2024). ومرد ذلك إلى تعليق شركات الطيران العالمية رحلاتها من وإلى لبنان واقتصار الرحلات على الميدل إيست التي زادت عدد رحلاتها اليومية إلى مختلف العواصم.
التأمين على الطيران
ولأن السبب الرئيسي وراء تعليق شركات الطيران العالمية رحلاتها إلى لبنان أمني، فإن شركات التأمين رفعت أسعار بوالص التأمين على الطيران كثيراً، بلغت أكثر من 10 أضعاف، لاسيما أن شركات الطيران مُلزمة بالتغطية التأمينية تماشياً مع قانون الطيران المدني العالمي، وهو ما دفع بشركة طيران الشرق الأوسط إلى رفع أسعار تذاكر السفر، بحسب مصدر من الشركة. وقد شرح المصدر عن تقييم مستوى المخاطر بالبلد بالنسبة إلى شركات التأمين في ظل حرب شرسة كالتي نشهدها اليوم، مبرّراً بذلك الأسعار الخيالية لتذاكر السفر لتجنيب الشركة تكبّد الخسائر.
وعند السؤال عن مصير أسعار تذاكر السفر وما إذا كانت ستتراجع بعد إقرار مجلس الوزراء بالأمس تغطية التكاليف التأمينية لشركة طيران الشرق الأوسط، رفض المصدر الإجابة وأحال الأمر إلى وزارة الاشغال والنقل كون الوزير علي حمية هو من أعلن عن الأمر. تواصلت "المدن" مع مكتب الوزير حمية فأحالنا إلى رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت، الذي تواصلته معه أيضاً "المدن" وتهرّب من الإجابة.
والأمر اللافت أن إعلان قرار تغطية التأمين الذي اتخذته الحكومة لم يُرفق بتطمينات بشأن أسعار تذاكر السفر، أنما تم تبريره بالحرص على سير عمل الشركة الوطنية واستمرارها، ما يعزّز سلطة الأخيرة على احتكار إخراج اللبنانيين من تحت القصف بأسعار تفوق قدرات الغالبية الساحقة منهم.
Comments
Post a Comment