يعتبر مخيم “عين الحلوة” للاجئين الفلسطينيين عاصمة المخيمات لناحية التنوع في الحركات والفصائل والتنظيمات التي تضم إلى الفلسطينيين عددًا لا يستهان به من جنسيات مختلفة، كما أنه بات أشبه بعاصمة القرار بالنسبة للمخيمات المنتشرة في الدول العربية المجاورة، لا سيما في سوريا التي أعيد تشتيت القاطنين فيها، جغرافيًا وسياسيًا، فالبعض منهم مناهضًا لحركة “فتح” أكبر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، والتي ارتبطت بالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وصاحبة التمثيل الأكبر والأقوى، وهي التي كانت تسيطر بشكل شبه كامل على المخيمات الفلسطينية في لبنان، لكن مركزية قرارها يرتبط بقرار السلطة الفلسطينية المتمثلة اليوم بمحمود عباس.
مصدر متابع للشأن الفلسطيني في لبنان، يرى أن الأسلحة التي تستعمل في المعارك تزيد الشكوك بمن المستفيد وكيف وصلت إلى المخيم، مع العلم أنّه لم يكن خاليًا من الأسلحة والقذائف الصاروخية، لكن كثافة النيران ومداها يطرح العديد من التساؤلات، لا سيما وأن المعارك اليوم لا تشبه تلك التي حصلت بعد اغتيال قائد الأمن الوطني الفلسطيني أبو أشرف العرموشي، كما أن توسع المعارك وتجاوزها منطقة “الطوارىء” و”التعمير” لتطال جميع الجبهات التي تنتشر فيها التنظيمات التي تجتمع تحت راية “الشباب المسلم” ومعظمها تحمل أفكار متشددة انضم إليها بعض الذين هربوا من مخيم “نهر البارد”.
ويتابع المصدر أن هذه الجولات لا يمكن مقارنتها بباقي الجولات، حيث تدور معارك شرسة في العديد من الأحياء لا سيما “حطين” و”البركسات” و”الصفصاف”، و”الرأس الأحمر”، وتشهد تلك الأحياء عمليات سيطرة لعناصر السلطة الفلسطينية في بعض الأحياء وتقدم للفريق الآخر في أحياء أخرى وهذا يؤشر إلى إصرار الطرفين على محاولة حسم المعركة مهما كانت كلفتها، وهذا ما يؤشر إلى أنّ الاشتباكات العنيفة لن تتوقف وهي مفتوحة على جميع الاتجاهات وأن الامور مرجحة إلى تطورات كبيرة قد تحمل مفاجآت لناحية بسط السيطرة، التي ستجعل من المنتصر صاحب القرار الوحيد في المخيم.
ويلفت المصدر إلى ما يتميز به المخيم، نه الوحيد الذي ينحصر فيه القرار السياسي وهو يملك ديناميكية تميزه عن باقي المخيمات، لناحية عدم حصرية القرار في داخله لا سيما فيما يتعلق في الصراع مع “إسرائيل”، وحتى في مشاركة بعض الفصائل والحركات والتنظيمات في حروب لا ترتبط بالقضية الفلسطينية وهو ما ظهر جليًا في الأحداث السورية، حيث وقفت تنظيم “الجهاد الاسلامي” إلى جانب محور الممانعة وانضمت “حماس” في ما بعد إلى القطار نفسه وباتت قراراتهما لا تنفصل عن استراتيجية محور الممانعة، وما يدلل على وحدة القرار، الزيارات التي تقوم بها قيادات التنظيمين إلى حارة حريك للقاء أمين عام “حزب الله” حسن نصر الله والزيارة الأخيرة لأمين حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين زياد نخالة ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشيخ صالح العرعوري والتي تم التأكيد فيها “على التواصل الدائم بين حركات المقاومة خصوصًا في فلسطين ولبنان لمتابعة كل المستجدات السياسية والأمنية والعسكرية واتخاذ القرار المناسب”.
وهنا يطرح المصدر السؤال عن نوع التنسيق الأمني، لا سيما في لبنان، والذي تستثنى منه حركة “فتح”، وهل يمكن ربطه بعودة المعارك إلى مخيم عين الحلوة التي تجددت بعد الزيارة بأسبوع؟ إن الأيام المقبلة ستحمل الكثير من المعطيات والدلالات، لكن المؤكد وفق معطيات من داخل المخيم أن هناك إصرارًا من “الأمن الوطني الفلسطيني” على حسم الأمور وفي مقدمهم حي “حطين” و”الرأس الأحمر” و”الطوارىء”، وسط معلومات عن تقدم كبير لعناصر “فتح” كون المعركة ستحسم الوضع في داخل المخيم ليس على الصعيد العسكري إنما على صعيد القرار السياسي فيه.
Comments
Post a Comment