(نقل مخدرات وملاحقة الفعل الجرمي الواحد اكثر من مرة)
اثناء وجوده باجازه في لبنان تمكن الشاب كريم من شراء كمية كبيرة من المخدرات وذلك بنية نقلها وادخالها الى فرنسا للاتجار بها ،كما انه كان يتعاطى مادة الكوكايين.
تمكنت الشرطة الفرنسية من اكتشاف الجريمة بعد وصوله الى مطار باريس حيث وجدت المخدرات والقت القبض عليه بتهمة جلب وحيازة وتعاطي والاتجار بالمخدرات، وتمت محاكمته في فرنسا بهذه الجرائم ونفذ الحكم.
عاد كريم الى لبنان بعد انتهاء محكوميته في فرنسا، وتم القاء القبض عليه من قبل السلطات اللبنانية في مطار بيروت استنادا لمذكرة القاء قبض.
هل يمكن ملاحقة كريم مرة اخرى بجريمتي الاتجار وتعاطي المخدرات؟
ما حكم القانون؟
المبدأ هو انه لا يجوز ملاحقة الفعل الجرمي مرتين استنادا للمادة /١٨٢/ عقوبات. اما المادة /١٥/ عقوبات احتفظت للقضاء اللبناني بحقه بتطبيق القانون اللبناني على جميع الجرائم المقترفة على الاراضي اللبنانية عندما يتم على هذه الارض احد العناصر التي تؤلف الجريمة. اما المادة /٢٧/عقوبات اجازت ملاحقة فاعلي الجرائم المقترفة على الاراضي اللبنانية حتى اذا كانوا قد حوكموا نهائيا في الخارج، وفي حال الحكم عليهم اذا كان الحكم قد نفذ فيهم او سقط عنهم بمرور الزمن او بالعفو، " الا اذا كانت هذه الاحكام الاجنبية قد صدرت على اثر اخبار رسمي من السلطات اللبنانية " استنادا للمادة /٢٨/عقوبات.
اذن لا يحول صدور الحكم الاجنبي دون ملاحقة الجريمة المرتكبة في لبنان عندما لا يكون هذا الحكم صادرا استنادا الى اخبار رسمي من السلطات اللبنانية ، على ان يتم في هذه الحاله حسم مدة العقوبة والتوقيف الاحتياطي الذين نفذا في الخارج بالمقدار الذي يحدده القاضي من اصل العقوبة التي يقضي بها .
ان الشاب كريم قد اشترى المخدرات من لبنان ونقلها الى فرنسا بقصد الاتجار بها ، كما انه كان يتعاطى الكوكايين في لبنان ، فتكون الجرائم المساقة بحقه في باريس مقترفه في الاراضي اللبنانية سندا للمادة /١٥/عقوبات المذكوره اعلاه ، وبالتالي يكون انعقاد الصلاحية الاقليمية للمحاكم اللبنانية متوفرا . اما الحكم الصادر في فرنسا ، لم يصدر على اثر اخبار رسمي من قبل السلطات اللبنانية ، مما يؤكد امكانية ملاحقته مجددا في لبنان وتطبيق القانون اللبناني بحقه استنادا للمادتين /٢٧/ و /٢٨/عقوبات.
ان فعل كريم لجهة حيازة ونقل المخدرات من لبنان الى فرنسا بقصد الاتجار بها يشكل جرم جناية الاتجار بالمخدرات ،كما ان تعاطيه المخدرات يشكل جرم جنحة تعاطي المخدرات، والمعاقب عليهما وفقا لقانون المخدرات ، فتنفذ العقوبة الاشد ادغاما وهي الجناية بعد ان يحسم منها المدة التي يحددها القاضي من توقيفه الاحتياطي وعقوبته المنفذه في فرنسا. اما لو كان حكم القضاء الفرنسي صادر استنادا الى اخبار رسمي لبناني فلا يلاحق مرة اخرى في لبنان.
لا بد من الاشارة اخيرا ان جناية الاتجار بالمخدرات تختلف عن جناية ترويج المخدرات بالقصد الجرمي ، بحيث ان قصد الاتجار هو الربح المادي اما قصد الترويج هو اضعاف مجتمع ما وقتل شبابه . واذا سلم شخص متعاطي كمية ضئيلة جدا من المخدرات لرفيقه كما يحصل في مجتمعنا ولم تكن نيته افساد المجتمع وضرب قيمه ، فمن الظلم الحكم عليه بجناية الترويج ، لان جرمة هو المساهمة في نشر المخدرات ولم تكن نيته الترويج بمعنى الترويج الجرمي ، فيعاقب على هذا الاساس بعقوبة جنحية وليس جنائية لمنع الفلتان الاخلاقي ، لذلك من الضروري ادخال بعض التعديلات على قانون المخدرات.
اما تعاطي المخدرات هو مرض وليس جرم بالمعنى الدقيق، بالرغم من ان المتعاطي يحبس لاعادة تأهيله.
Comments
Post a Comment