انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو، سجلها بعض الجنود والمدنيين الأوكرانيين، توثق الضربات المركزة التي توجهها القوات الأوكرانية ضد الغزاة الروس.
ونهاية الأسبوع، تصدّر في أوروبا، مقطع فيديو انتشر على 'تويتر'، يوثق انفجاراً هائلاً، فيما يبدو أنه لقافلة روسية، مسجلاً إصابة مباشرة على نظام صاروخي أرض-جو. اللقطات بالأبيض والأسود، التي نُشرت على حساب القوات المسلحة الأوكرانية، هي واحدة من عدة لقطات تظهر التأثير المدمر لضربات الطائرات بدون طيار الأوكرانية على المعدات الروسية.
ولدى مشاهدة الانفجار، الذي يبدو أنه سٌجل بهاتف محمول، بالإمكان سماع الناس وهم يلهثون قبل أن ينفجروا بالهتافات والتصفيق (من جانب الأوكرانيين).
'خافوا ، أيها الأعداء! لن يكون لكم سلام على أرضنا!' كتبت القوات المسلحة الأوكرانية في تعليق على الفيديو الذي نشرته هي الأخرى على صفحتها.
ونشرت السفارة الأوكرانية في أنقرة على موقع 'تويتر' منذ بداية النزاع صورا لانفجارات نسبتها لطائرات مسيرة تركية استهدفت أرتال شاحنات ودبابات روسية مرفقة بوسم 'بيرقدار- ما شاء الله تي بي 2 إس' مع وابل من عبارات المديح.
قال آرون شتاين من معهد أبحاث السياسة الخارجية في واشنطن إن 'ضربات تي بي2 قليلة بالمقارنة مع المعارك على الأرض لكنها مهمة للروح المعنوية الأوكرانية لأنها تظهر أن روسيا لا تسيطر على السماء'. وأضاف 'يجب تهنئة الأوكرانيين لأنهم أبقوا هذه الطائرات في الجو'.
لكن شتاين أكد لوكالة فرانس برس أنه 'فوجئ مثل غيره من الخبراء' بالوجود الضعيف للقوات الجوية الروسية فوق أوكرانيا. وفي حال دخلت هذه القوات بشكل كثيف، فسيكون عمل الطائرات المسيرة محدودا جدا.
الطائرة من دون طيار التي يستخدمها الجيش الأوكراني، هي نوع من الطائرات التركية التي نشرها الأوكرانيون بشكل متزايد ضد القوات الروسية في الأيام الأخيرة.
وقال الجيش الأوكراني، الثلاثاء، إن طائرات مسيرة من طراز 'بيرقدار' دمرت دبابة واحدة ونظامي صواريخ أرض - جو خلال الليل.
وفي مقاطع فيديو أخرى تمت مشاركتها على تويتر كذلك، ظهرت طائرات بدون طيار من طراز 'بيرقدار' ، التي يستخدمها الجيش منذ 2021 على الأقل، وهي تفجر ما يبدو أنه قافلة وقود روسية ومجموعة من شاحنات الإمداد.
وهذه الطائرات من دون طيار صغيرة وخفيفة الوزن (أخف بحوالي سبع مرات من طائرة ريبر التابعة للجيش الأميركي) ويبلغ طول جناحيها 12 مترًا مما يسمح لها بالبقاء في السماء لمدة تصل إلى 30 ساعة في الطلعة الواحدة.
ويمكن لكل طائرة منها أن تحمل أربعة صواريخ موجهة بالليزر، وفقًا لمواد ترويجية من الشركة التي تنتجها.
قال محللون عسكريون أميركيون وأوروبيون إن حملة الطائرات المسيرة الأوكرانية ساهمت في نجاحها المبكر في إبطاء التقدم الروسي، وكشفت عن نقاط ضعف غير متوقعة للجانب الروسي.
ولعل الأهم من ذلك، يقول محللون، وفق ما نقلته مجلة 'التايم' أن مقاطع الفيديو أصبحت أيضًا جزءًا بارزًا بشكل متزايد من حرب المعلومات في أوكرانيا 'مما يمنح الغزاة الروس سببًا للخوف من عدوهم، ويوفر دفعة حيوية للمعنويات الأوكرانية'.
مع ذلك، يشير محللون إلى أنه من غير المرجح أن تغير الطائرات من دون طيار مسار الحرب.
يقول المحلل العسكري التركي، أردار ميفلوتوغلو، إن المقاطع التي نشرها الجيش الأوكراني تظهر عيوبًا خطيرة في غطاء الدفاع الجوي الروسي 'هي مفاجأة لكثير من المراقبين'. ثم تابع 'اللقطات مفيدة أيضًا للعلاقات العامة والحرب النفسية'.
وكانت الطائرات من دون طيار العسكرية الموثوقة والدقيقة من اختصاص الجيش الأميركي حصريا، لكن التكنولوجيا أصبحت أكثر شيوعًا في السنوات الأخيرة، وهي الآن عنصر أساسي في العديد من ساحات القتال في القرن الحادي والعشرين.
وتركيا الآن هي المورد البارز في العامين الماضيين، حيث ظهرت طائرات بيرقدار التركية من دون طيار ليس فقط في أوكرانيا، ولكن أيضًا في إثيوبيا وأذربيجان وليبيا وسوريا.
وفي العام الماضي في إثيوبيا، كانت قوة متمردة تهاجم العاصمة أديس أبابا قبل أن تصدهم الحكومة بطائرات من دون طيار.
وفي الصراع بين أذربيجان وأرمينيا في عام 2020، أثبتت الطائرات التركية أنها حاسمة في انتصار أذربيجان على أرمينيا - حليفة روسيا.
ويقول توني أوزبورن، وهو رئيس مكتب لندن لـ'أسبوع الطيران'، وهي مطبوعة تركز على صناعة الطيران: 'في السنوات الأخيرة، حققت بيرقدار بعض النجاحات الشهيرة حقًا' ثم أضاف 'أود أن أزعم أنها الآن أشهر طائرة من دون طيار'.
مقطع الفيديو الذي نشرته القوات المسلحة الأوكرانية، الأحد، كشف أن تلك الطائرات قادرة على إلحاق أضرار مهمة بآليات العدو، وبأسعار أرخص بكثير من الطائرات بدون طيار الأخرى.
ويقدر أوزبورن أن طائرات بيرقدار تم بيعها لأوكرانيا بتكلفة لا تصل إلى ملايين الدولارات التي صرفت على أنظمة الصواريخ الروسية وقال: 'النظام الصاروخي أرض-جو الروسي الذي دمر في مقطع الفيديو الأحد قد تصل قيمته إلى 50 مليون دولار'.
ثم تابع، 'الشيء المهم فيها أنها رخيصة، وعندما تكون رخيصة، لا تقلق بشأن فقدانها، يمكنك رميها في قتال وإذا سجلت نجاحًا، كما رأينا بالأمس، فستنتصر فجأة في حرب الاستنزاف'.
ويقدر الرجل أن أوكرانيا لديها على الأرجح حوالي 20 طائرة بدون طيار من طراز بيرقدار في ترسانتها التشغيلية.
ففي كانون الأول، ذكرت وكالة بلومبيرغ أن أوكرانيا طلبت أكثر من عشرين طائرة، نقلاً عن مسؤولين.
بالنسبة لتركيا، العضو في الناتو، فإن مبيعات الطائرات بدون طيار لأوكرانيا تتوافق مع مصالحها العسكرية - أي الحفاظ على توازن القوى في منطقة البحر الأسود، وفقًا لغاليب دالاي، المتخصص في السياسة التركية والشرق أوسطية في 'تشاتام هاوس'، وهي مركز فكري مقره في لندن.
وبينما يتم تصنيع طائرات بيرقدار من قبل شركة خاصة، 'بيكار تيكنولوجيز'، يُنظر إلى الطائرات من دون طيار على نطاق واسع على أنها ذراع للسياسة الخارجية التركية.
ورئيس قسم التكنولوجيا في الشركة، سلجوق بايراكتار، هو صهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
قال هالوك بايراكتار، الرئيس التنفيذي للشركة وشقيق سلجوق، خلال ندوة عبر الإنترنت في أيار2021: 'بينما رفض البعض بيع الطائرات بدون طيار المسلحة لأوكرانيا، كانت تركيا الدولة الوحيدة التي قبلت بيع أوكرانيا هذه التكنولوجيا'.
وأدت السياسة الخارجية التركية أيضًا إلى تنشيط وجود طائرات بيرقدار بدون طيار في سوريا وليبيا وأذربيجان، وهي جميعها ساحات القتال التي يتواجه فيها الوكلاء الروس والأتراك.
ويقول دالاي إن الطائرات بدون طيار تمنح تركيا ميزة جيوسياسية، وهي المشاركة في قتال تقليدي في أماكن مثل ليبيا أو سوريا، لكن استخدام الطائرات بدون طيار شيء آخر، هذه الأخيرة، تجعل مهمة تركيا أسهل'.
الحرة
Comments
Post a Comment