نبذة قانونية-(في اهمية التفريق بين القصد العمدي والقصد الفوري في جريمة القتل وفي تبيان اثر الحالة النفسية على تخفيض العقوبة )
(في اهمية التفريق بين القصد العمدي والقصد الفوري في جريمة القتل وفي تبيان اثر الحالة النفسية على تخفيض العقوبة )
شاب كان يغار على حبيبته كثيرا وكان يعمل ويقيم في مدينة جونية وكانت حبيبته تعمل وتقيم ايضا في جونية ، لكنها كانت تتردد الى مدينة صور عند صديقتها، وكان هذا الشاب يلحق بها دائما لكي يعيدها الى جونية غيرة منه عليها وخوفا من ان تتعرف على شباب في صور. علما ان هذا الشاب كان يعاني احيانا من فصام في الشخصية ونوبات عصبية .وفي يوم من الايام توجه هذا الشاب من جونية الى صور لاعادتها، وكان يحمل قنبلة يدوية صغيره نقلها معه من جونية الى صور . تمنعت حبيبته ورفضت طلبه بالعوده معه الى جونية وحصل خناق ومشادة كلامية حادة بالرغم من معرفة حبيبته حينها بوجود القنبلة ، فما لبث الا ان اقترب هذا الشاب من حبيبته وضمها اليه وفجر فيها القنبلة، ففارقت الحياة فورا ، فيما اصيب هو بجروح بليغة.
ما حكم القانون؟
ان المادة /٥٤٩/ عقوبات تعاقب بالاعدام على القتل قصدا اذا ارتكب عمدا اي عن سابق تصور وتصميم على القتل.
اذن القتل العمدي معاقب عليه بالاعدام، اما القتل الفوري معاقب عليه بالاشغال الشاقة من ١٥ سنة الى ٢٠ سنة.
هل نحن امام قتل عمدي ام قتل قصدي فوري؟
هل ان نقل القنبلة يدل على نية القتل المسبقة ؟
ماذا عن حالة الفصام والنوبات العصبية وانعكاس ذلك على الجريمة؟
اذا كنا امام قتل عمدي والمعاقب عليه بالاعدام يجب ان تتوفر كامل عناصر العمد :
فالعمد يفرض ان يفكر الفاعل في جريمته المصممة بشكل هادئ وان يقدر عواقبها ، متحررا من الانفعال العاطفي، اي ان يقرر تنفيذ جريمته بعيدا عن وطأة الغضب ، اذ لا يمكن ان يجتمع العمد مع الغضب .
ان الشاب كان تحت سلطة عاطفة جامحة وتحت سيطرة غضب جارف، وخصوصا انه قبل تفجير القنبلة حصل جدال ومدافشة، ومن ثم ضم حبيبته الى صدره ووقعا معا ارضا واصيب هو بجراح بليغة ، ومن يقصد الموت مع من يحب لا يكون بحالة هدوء ودم بارد. فلا هدوء ولا تصميم ثابت ، كما ان مجرد نقل قنبلة لايدل وحده على نية القتل المسبقة اي العمدية ، بل ممكن ان يكون استعمالها لمجرد التهديد.
لذلك ان فعل الشاب يقع تحت الوصف القانوني لجناية القتل القصدي الفوري وفقا للمادة /٥٤٧/عقوبات والمعاقب عليها بالاشغال الشاقة من ١٥ الى ٢٠ سنة وليس بالاعدام ، بالاضافة الى التعويض المادي والمعنوي للورثة كحق شخصي.
لجهة الفصام ، فهو نوع من انواع العته ومعناه ان يصاب الشخص بعاهة عقلية وراثية او مكتسبة تنقص قوة الوعي لديه ، ويرتكب جرم وهو بهذه الحاله النفسية، والفصام هو مانع من موانع العقاب وعذر مخفف اي انه له اثر قانوني في ابدال العقوبة او تخفيضها عند توفر الشروط القانونية اللازمة. ولاستفادة مرتكب الجريمة من هذا الاثر ، يجب ان يكون الفاعل بحالة فصام معاصره للجرم وان تضعف ارادته ووعيه، غير ذلك لا يمكن للفاعل الاستفادة من تخفيض او ابدال العقوبة. لذلك اذا لم يكن تحت تأثير هذه الحاله النفسية (الفصام) وكان بكامل وعيه اثناء ارتكابه الجريمة فيعامل كأي انسان عادي ويعاقب عقوبة كامله.
اما لجهة النوبات العصبية للفاعل، فليس لها اي اثر في تخفيض العقوبة ، اي لا يعتد بها كمانع من موانع العقاب تلزم القاضي بتخفيض العقوبة، وهذا الامر ينطبق ايضا على الحالة النفسية للفاعل (قلق نفسي - اكتئاب) فلا يعتد بها ولا تشكل مانع من موانع العقاب او عذر مخفف وتبقى العقوبة كاملة دون تخفيض.
على ان يعود للقاضي تخفيض العقوبة لصالح مرتكب الجريمة نزولا للحد الذي يسمح له القانون بالتخفيض، وذلك استنادا الى اسباب تخفيف العقوبة التقديرية التي تجيز للقاضي تخفيض العقوبة (كالحالة الاجتماعية والنفسية لمرتكب الجريمة واسقاط الحق الشخصي الخ ..... ) ، دون ان يكون القاضي ملزم بتخفيض العقوبة ، اما في حال توافر سبب من اسباب موانع العقاب في القضية ،فالقاضي ملزم بالتخفيض وفقا للنص القانوني.
Comments
Post a Comment