Skip to main content

هل يكون الدور على تايوان؟... الصين أقوى من روسيا

قبل حتى أن يبدأ الهجوم الروسي على أوكرانيا، كان احتمال إقدام الصين على ضم تايوان بالقوة وارداً ويمثل هاجساً أمنياً للولايات المتحدة والغرب، فكيف قد تؤثر نتيجة الصراع في أوكرانيا على قضية تايوان؟

كانت الصين وتايوان قد انفصلتا خلال حرب أهلية في الأربعينيات، وتعتبر تايوان نفسها دولة ذات سيادة وتحظى بدعم أميركي وغربي، لكن بكين لا تزال تصر على أنه ستتم استعادة الجزيرة في وقت ما، وبالقوة إذا لزم الأمر.

ولا يعترف بتايوان، كدولة مستقلة، سوى عدد قليل من الدول؛ إذ تعترف معظم الدول بالحكومة الصينية في بكين بدلاً عن ذلك. ولا توجد علاقات رسمية بين الولايات المتحدة وتايوان، ولكن لدى واشنطن قانون يلزمها بتزويد الجزيرة بوسائل الدفاع عن نفسها.

وتواجه إدارة الرئيس جو بايدن مأزقاً حقيقياً فيما يتعلق بتايوان، في ظل تكثيف الصين من خطواتها الهادفة إلى التأكيد على أن إعادة توحيد الجزيرة مع البر الرئيسي بات وشيكاً، لتتحول تايوان بالفعل إلى سؤال إجباري على أجندة السياسة الخارجية الأميركية.

في الفترة السابقة على بداية الهجوم على أوكرانيا، كانت المؤشرات جميعها تصب في اتجاه متى تقدم الصين على غزو تايوان، ومدى قدرة تايوان على التصدي للغزو، وكيف سيكون رد فعل واشنطن في تلك الحالة، فهل غيَّر الهجوم الروسي على أوكرانيا الأمور أم أنها لا تزال على حالها؟

صحيفة The New York Times الأميركية رصدت إجابة السؤال في تحليل عنوانه 'هل تكون تايوان الحرب التالية؟'، كشف عن أن الهجوم الروسي على أوكرانيا، الذي تصفه موسكو بأنه عملية خاصة ويصفه الغرب بالغزو، أدى إلى تضخيم المخاوف من أنَّ العالم قد يشهد مُجدَّداً حقبة شبيهة بالحرب الباردة؛ حيث تتنافس أقوى دول العالم على الهيمنة.

فالانتصار الروسي في أوكرانيا وتحقيق أهداف الرئيس فلاديمير بوتين قد لا يعني سيطرة روسيا على أوروبا الشرقية فحسب، بل أيضاً بسط الصين لنفوذها على شرق وجنوب شرق آسيا، لاسيما تايوان، بحسب تقرير نيويورك تايمز.

وتطالب الصين بضم جزيرة تايوان منذ انفصالها عن البر الرئيسي في عام 1949 وتنظر إلى هذه القضية باعتبارها أولوية قصوى لها. كان مسؤولون صينيون قد أكدوا مُجدَّداً التزامهم بـ 'حل قضية تايوان' بعد أيام من بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا. وفي مكالمة هاتفية، الجمعة 18 آذار، مع الرئيس جو بايدن بشأن الهجوم الروسي، بدا الزعيم الصيني، شي جين بينغ، قلقاً بشأن مصير تايوان أكثر من الحرب في أوكرانيا.

والفكرة هنا هي أن الرسالة التي كان الزعيم الصيني حريصاً على إيصالها لبايدن خلال اللقاء الأول بينهما، وكان افتراضيا أيضاً خلال تشرين الثاني الماضي، لا تزال على حالها دون تغيير: 'تتحلى الصين بالصبر وتسعى لإعادة وحدة سلمية بكل إخلاص ودأب، لكن إذا أقدم المؤيدون لانفصال تايوان على استفزازات أو تجاوزوا الخط الأحمر، فسنضطر لاتخاذ إجراءات حاسمة'.

بحسب تحليل الصحيفة الأميركية، يبدو أن الصين، مثل روسيا، ترى فراغاً بعد انسحاب القوى الغربية من المسرح العالمي بعد تهميشها بسبب النزاعات الداخلية وتداعيات الحروب الأمريكية الفاشلة في العراق وأفغانستان.

وكان انتصار الحرب الباردة قد أقنع كثيرين في الغرب بأنَّ ثمة نظاماً عالمياً ديمقراطياً جديداً من شأنه أن يحافظ على السلام العالمي دون إدراك مدى هشاشة ذلك السلام حقاً.

جينيفر ليند، الخبيرة في شؤون منطقة شرق آسيا لدى 'كلية دارتموث' الأميركية، قالت لنيويورك تايمز إنَّ 'الناس نسوا سياسات القوة العظمى, كانوا يأملون في أنَّ السياسة الدولية قد تغيرت, لكن هذا لم يحدث'.

ومع ذلك، يقول خبراء إنَّ فشل روسيا حتى الآن في إخضاع أوكرانيا وتحرّك الغرب سريعاً لمعاقبة موسكو وعزلها بسبب هذا 'الغزو' ينبغي أن يجعل القوى العظمى أو الصاعدة متشككة في حدوث توغلات مماثلة.

استفادت الصين، رغم كل شيء، من النظام العالمي السلمي نسبياً خلال العقود الأخيرة, إذ تحوّلت إلى المنافس الاقتصادي الحقيقي الوحيد للولايات المتحدة الأميركية. وقد يؤدي غزو تايوان إلى اضطراب هذا النظام العالمي وربما عزل الصين عن الاقتصاد العالمي، كما أظهرت تجربة روسيا.

لذا، فإنَّ ما يحدث في تايوان سيتأثر على الأرجح بما يحدث في أوكرانيا. إذا نجحت روسيا في تحقيق أهدافها وتجاوز تداعيات الهجوم على أوكرانيا، فإنَّ الخطر سيزيد على تايوان. أما إذا تراجعت روسيا في نهاية المطاف أو عانت من عواقب دائمة ومدمرة، فقد يُمثّل ذلك بشرى سارة للجزيرة الآسيوية.

قال ليانج تشي إيفانز تشين، من معهد أبحاث الأمن والدفاع الوطني في تايوان للصحيفة الأميركية: 'بالنظر إلى أنَّ الغزو الروسي يتقلّب من سيئ إلى أسوأ، فمن المرجح أن يتحلَّى المسؤولون الصينيون بمزيد من الحذر بشأن إرسال قوات إلى تايوان'.

يحقق ذلك نوعاً من الارتياح لتايوان، وهي جزيرة يبلغ عدد سكانها حوالي 24 مليون نسمة ولديها نظام ديمقراطي ليبرالي قوي واقتصاد حديث، بالإضافة إلى أنَّها الحكومة الآسيوية الوحيدة التي تقنن زواج المثليين، وهو أمر يراه الغرب دليلاً على قوة النظام الديمقراطي.

لا تتوقع تايوان أنَّها تستطيع هزيمة الجيش الصيني القوي، خاصةً بدون مساعدة مباشرة من الولايات المتحدة. تهدف الجزيرة الآسيوية، بدلاً من ذلك، إلى جعل الحرب تبدو مكلفة للغاية بالنسبة للصين حتى تتراجع عن قرار 'الغزو'.

أظهرت الحرب في أوكرانيا إمكانية حدوث هذا الأمر, كانت المقاومة الأوكرانية أشرس مما كان يتوقعه أي شخص, فقد قُتل الآلاف من القوات الروسية، وفقاً لتقديرات الولايات المتحدة. قد تواجه الصين نفس السيناريو في تايوان, حيث وجدت استطلاعات الرأي أنَّ ما يقرب من ثلاثة أرباع السكان على أتم الاستعداد لمواجهة الغزو الصيني.

تشير أيضاً العقوبات القوية الشاملة المفروضة من الغرب ضد روسيا إلى أنَّ غزو تايوان قد يلحق أضراراً اقتصادية مؤلمة للصين. تؤكد العقوبات، إلى جانب إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا، استعداد الدول الغربية لدعم الديمقراطيات التي تتعرض للهجوم.

قد تذهب قرارات الغرب إلى ما هو أبعد من ذلك في حالة غزو تايوان، مع احتمالية حدوث تدخل عسكري أميركي مباشر لمواجهة هذا الغزو. كان جو بايدن قد أعلن أنَّ القوات الأمريكية لن تقاتل في أوكرانيا، لكن سياسة الغموض الإستراتيجي التي تتبعها واشنطن عمداً تجاه تايوان لم تتغير.

تمتلك الصين نقاط قوة تفتقر إليها روسيا، من بينها أنَّ حجم الاقتصاد الصيني أكبر بكثير وأكثر تنوعاً من الاقتصاد الروسي، وهو ما يخفف الضرر الذي يمكن أن تسببه العقوبات الغربية. بالإضافة إلى ذلك، تعتمد الدول الفارضة للعقوبات، من الولايات المتحدة إلى الدول الأوروبية إلى اليابان، على التجارة مع الصين أكثر من اعتمادها على التجارة مع روسيا.

على عكس أوكرانيا، لم يُعترف بتايوان عالمياً باعتبارها دولة مستقلة- ولا حتى من الولايات المتحدة- الأمر الذي قد يثير تساؤلات حول ما إذا كان هجوم الصين يمكن اعتباره غزواً من الأساس.

تتمتع الصين أيضاً بميزة عسكرية هائلة؛ إذ تضم القوات البرية الصينية حوالي مليون جندي في الخدمة الفعلية، مقارنةً بـ 88 ألف جندي في تايوان, على الرغم من أنَّ الصين سيتعيّن عليها عبور 100 ميل (حوالي 160 كيلومتراً) من المياه لغزو تايوان، وهي مهمة صعبة ومعقدة- على عكس المسافة الحدودية بين روسيا وأوكرانيا.

كشفت أيضاً ردود الفعل على الغزو الروسي عن بعض القيود فيما يتعلّق بالمدى الذي يصل إليه الاستعداد الغربي لمساعدة كييف، مع رفض التحالف الغربي إرسال قوات للدفاع عن أوكرانيا. على هذا النحو، يترك غموض الولايات المتحدة بشأن تايوان مجالاً للقوات الأمريكية للبقاء بعيداً عن القتال.

الأهم من ذلك، تمتلك الصين ميزة الوقت. يقول خبراء إنَّ بكين لا تشعر بضرورة آنية ملحة إذا أرادت غزو تايوان, لذا قد يفصلنا عن هذا الغزو سنوات عديدة، إن حدث على الإطلاق. هذا من شأنه أن يمنح الصين الوقت لبناء جيشها وتحصين اقتصادها من تأثير العقوبات المحتملة ودراسة أخطاء روسيا في أوكرانيا ومعرفة ما إذا كان التصميم الغربي حقيقياً بالفعل، أم مجرد محاولة للردع.

إذن، قد تتوقف عودة سياسات القوة العظمى على نتيجة الحرب في أوكرانيا، وما إذا كانت تستحق كل هذا العناء في نهاية المطاف من وجهة نظر روسيا.

عربي بوست


Comments

Popular Posts

أغرب 7 أسماء ضيع بلبنان.. وكيف وصلنا على ال لالا لاند!

​ اليوم لح نحكي عن أسامي غريبة لضيع موجودة بلبنان ما بتتخايلوا إنها موجودة!   ١.  باريش ضيعة بقضاء صور بالجنوب، إسمها باريش، وبعود أصل إسم باريش للغة السريانية وهي بتعني بيت الرئيس. وفي روايات بتقول انه إسمها بيعود للغة الفينيقية وبتعني شجر السرو. ٢. لالا هي ضيعة لبنانية موجودة بالبقاع الغربي، أما أصل اسمها فبيعود لروايتان: الأولى انه هي كلمة مكونة من جزأين: حرف الجر ل وكلمة اله وبيعني الإسم حرم مقدس لله. أما الرواية التانية فهي رواية الأهالي بتقول انه كان بالبلدة في دير قديم على تلة عالية وكانوا شبابيكه باتجاه الشرق وكل ما تشرق الشمس كانوا يلمعوا الشبابيك ويلالوا فكانوا يقولوا: لالا الدير ومن هون إجت التسمية. ٣. بزيزا ضيعة لبنانية بقضاء الكورة وإسمها كتير غريب، تعوا نشوف شو أصل التسمية. تسمية بزيزا بتعود للغة السريانية وهي إسم مشتق من كلمة "بز" ومعناها نهب وسلب وخرّب، وهيك بيكون معنى الاسم "القرية المسلوبة والمنهوبة". أما الرواية التانية فبتقول انه أصل التسمية جاية من الكلمة السريانية المركبة "bet azziza"، azziza أو عزيز يلي هو إسم إله من الساميين، أما كل

مريم نور على فراش المرض في أحدث ظهور

​ فاجأت مريم نور الجمهور والمتابعين في احدث ظهور لها، حيث اقلقت الجميع على صحتها بعد ان ظهرت على فراش المرض وتحدثت عن معاناتها، متمنية ان تتحسن حالتها الصحية وتعود الى جمهورها قوية كما اعتاد عليها. وفي التفاصيل، نشرت صفحة مجلة لجرس على حسابها عبر انستغرام، مقطع فييو ظهرت فيه مريم نور من منزلها وهي على فراش المرض، حيث قالت في الفيديو: "الحمدلله اني بشمع صوتكن.. انا اليوم بالفرشة.. بس طلوع ونزول وهيدي بتريجنا". وتابعت مريم نور كلامها قائلة: "قوليلي شو فيني اعمل .. هلق انا بعدني بدي اكتب وبدي روح و اجي .. ما رح طول رح كون منيحة.. عم اقدر امشي وعم اقدر احكي"، مضيفة: "وانا بعدني بالفرشة بس بقدر اقرا وبقدر اكتب واحكي معكن وبيجي خيي لعندي وهيك مرتاحين.. ما بدنا شي ابدا". الفيديو لاقى تفاعلا كبيرا بين المتابعين، الذين تعاطفوا بشكل واسع مع مريم نور، متمنين لها الصحة والسلامة الدائمة، وان تتحسن حالتها وتعود الى جمهورها، اذ كتب المتابعون: "الله يشفيها ويعافيها.. سلامة قلبها".

سرق طائرة وحلّق بها 73 دقيقة... نهاية مأساوية لموظّف في مطار واشنطن

​ كشفت كاميرا مراقبة لقطات، نُشرت للمرة الأولى، لعملية سرقة طائرة تابعة لشركة "ألاسكا إيرلاينز" الأميركية بمطار واشنطن، حصلت عام 2018.    في التفاصيل، توفي عامل "تحكم ومراقبة" بمطار واشنطن يُدعى ريتشارد راسل ( 29 عاماً) بعد أن سرق الطائرة في مطار سياتل تاكوما الدولي، في آب (أغسطس) 2018، وقادها إلى أرض جزيرة نائية في بوجيه ساوند، وفق ما نقلت صحيفة "النيويورك بوست" عن السلطات الأميركية.   وانطلق راسل بالطائرة المسروقة من مطار "سياتل تاكوما"، وهي من نوع "بومباردير كيو 400" ذات المحركين، وتضم حوالي 70 مقعداً، في الساعة الثامنة مساءً تقريباً من مساء الجمعة، بينما كانت تقف في مكان للصيانة بالمطار، بحسب بيان شركة الطيران.   وأظهر مقطع الفيديو الجديد الموظّف، وهو يسير بقميص كُتب عليه "السماء بلا حدود" في منطقة محظورة مخصصة لعاملي الحقائب، ثم ركب في عربة في اتجاه  الطائرة التي كان يخطط لسرقتها، وركض نحو الطائرة وفتح بابها ثم يدخل قمرة القيادة.   وسُمع صوت العاملين في برج المراقبة يتساءلون: "أي طائرة في مدرج المطار 1-6؟". بالم