داخل عيادته في بلدة أبلح لقي الطبيب إيلي جاسر مصرعه على يد شاب آخر من قريته. الإفادة الأوليّة التي توصّل إليها المحقّقون ما زالت أوليّة ولا يمكن التسليم بها، إلّا أنّ لا شيء يُبرّر هذه الجريمة التي هزّت لبنان ببشاعتها وقساوتها وغموضها.
حالة من الغضب والاستنكار في قلوب محبّيه وعائلته المفجوعة، التي ستدفن ابنها الحبيب غداً في كنسية مار جرجس المارونية.
لم يكن أحد يتصوّر أن يتلقى هذا الطبيب الخيّر والطيّب 7 طعنات في جسده بهذه الطريقة الوحشية، لم يصمد فأسلم الروح قبل أن يصل إلى المستشفى. هذه الجريمة القاسية حرمت زوجته وابنه الصغير من والد وزوج، وحرمت عائلته من ابنها الذي قُتل على يد الرقيب أوّل في الجيش س.ف.
شيئاً فشيئاً تتكشّف تفاصيل هذه الجريمة، كثرت الأخبار المتداولة حول مقتل الطبيب جاسر، فبعد أن تناقل البعض أنّ السبب كان بتأخير الموعد، جاءت التحقيقات الأوليّة لتفيد أنّ القاتل أقرّ أنّ سبب قتله كان باعتراضه على نتيجة علاج خطيبته. ومهما كانت الأسباب إلّا أن لا شيء يبرّر هذه الجريمة القاسية التي أودت بحياة الشابّ الثلاثينيّ.
وقد علمت "النهار" أنّ "الطبيب إيلي تلقى 7 طعنات، 5 منها كانت سطحية إلى حدّ ما، في حين أنّ الطّعنتين الأخريين كانتا قوّيّتين وتسبّبتا بالنزيف الحادّ الذي أدّى إلى الوفاة. وتلقّى الطعنتين القاسيتين في الجهة اليمنى للقفص الصدري حيث مزّقتا الشرايين والرئة، وتسبّبتا بنزيف حادّ أدّى إلى مصرعه في طريقه إلى المستشفى. وعلى ما يبدو أنّ هذه الطعنات ليست بريئة، وكانت هناك نيّة جرميّة، خصوصاً أنّ القاتل يعمل في السلك العسكري ويعرف تماماً أنّ أيّ ضربة أو طعنة يمكن أن تكون خطيرة وقاتلة".
يؤكّد خاله جورج أبو زغيب لـ"النهار" في صوته المكسور أنّها "خسارة كبيرة ويلّي صار صعب كتير. لقد خسرنا شاباً طموحاً، كان شغوفاً بالحياة وله مستقبل باهر. متميّز في جامعته ومدرسته، انطلق في مسيرته بقوّة واندفاع، وحقّق نجاحاً باهراً، لم يكن يرفض مريضاً بسبب الأزمة المادّية، هو الذي كانوا ينادونه بحكيم الضيعة رحل تاركاً الجميع في صدمة وذهول".
مضيفاً "لقد تلقّى عرضاً للعمل في الخارج لكنّه رفض لأنه يريد البقاء في وطنه وأرضه. كان ناجحاً في عمله، ولديه الكثير لتحقيقه إلّا أنّ ما جرى كان قاسياً ومفجعاً على كلّ أهالي القرية. لقد غُدر به، وكانت جريمة بشعة وشنيعة، ونطالب بتحقيق العدالة. لا يمكن أن نفكّر في الوقت الحاضر بشيء، الوجع كبير لنا ولزوجته وابنه الذي يبلغ من العمر 7 أشهر، والذي عمّده منذ أسبوعين."
وقد علمت "النهار" أنّ الجريمة وقعت أمام مرأى السكرتيرة التي تعمل لديه في العيادة، وستكشف التحقيقات الجارية ملابسات الجريمة بكلّ تفاصيلها. وقد أصدرت العائلة بياناً تطالب فيه بإنزال أشدّ العقوبات في حقّ القاتل.
من جهته، أكّد أحد المتابعين في التحقيقات لـ"النهار" أنّ "الافادة الأوّلية للقاتل تفيد أنّ دافع القتل كانت نتيجة عدم رضاه على علاج الطبيب لأسنان خطيبته، إلّا أنّنا ما زلنا في بداية التحقيقات، ولا يمكن أخذ هذه الإفادة وحدها في عين الاعتبار. علينا التأكّد من صحّة كلامه والتحقيق أكثر، وستكشف الأيّام المقبلة الدافع الحقيقيّ وراء هذه الجريمة. لكنّ ما هو أكيد أنّه اعترف بجريمته وأنّ الأدلّة تشير إلى أنّه القاتل، بسبب الدماء على ثيابه وأقواله، ولكن حتّى الساعة لم نتوصّل إلى أدلّة تفيد بوجود مشاكل سابقة، وستكشف التحقيقات التي ما زالت جارية حقيقة ما حصل، ومن المبكر لأوانه أن نُسلّم بالإفادة الأوليّة للقاتل".
حالة من الغليان والغضب قرب مستشفى خوري منذ وقوع الجريمة. التكتّم سيّد الموقف خصوصاً أنّ القاتل يعمل في السلك العسكريّ.
يصف رئيس البلدية روبير سمعان ما جرى بأنّه "كارثة حقيقية"، فهذا الطبيب الآدمي والمحبّ يُدرّس في اليسوعيّة ويعمل بكلّ حبّ وإخلاص. "من كان يتصوّر أن يُقتل بهذه الطريقة الهمجيّة، الناس فاقدة أعصابها والكلّ في حالة غضب أمام المستشفى".
ويؤكّد أنّ "الجميع في حالة غليان ولا يمكن لأحد أن يتكلّم، لقد كان وقع الجريمة قاسياً، ونحن تحت الصدمة، وفي انتظار إجراء التحقيقات اللازمة".
المصدر : ليلى جرجس- النهار
Comments
Post a Comment