(وفاة نتيجة حادث سيارة ، مسؤولية جزائية ومدنية)
سائق سيارة يقود سيارته في الليل ويجلس بجانبه شاب.
بسبب سرعته وضعف الانارة في الشارع، اصطدم بحاجز اسمنتي موضوع على الطريق العام ، مما ادى الى تحطم السيارة ووفاة الشاب واصابة السائق بجروح.
ما حكم القانون؟ هل يمكن ملاحقة وزارة الاشغال مدنيا بوصفها حارسة للحاجز الاسمنتي امام القضاء الجزائي؟
ان فعل السائق بقيادته سيارته بسرعه، يشكل خطأ ناجم عن قلة احتراز وعدم مراعاة الانظمة والقوانين ، وهذا الخطأ ادى الى وفاة الشاب. نحن اما جريمة قتل غير قصدية يعاقب عليها السائق امام القضاء الجزائي استنادا الى قانون العقوبات وفقا للمادة /٥٦٤/ بالحبس حتى ثلاث سنوات، ويمكن منحه اسباب مخففة استنادا للماده /٢٥٤/ عقوبات ،وذلك كحق عام. اما لجهة الحق الشخصي ، يقتضي التعويض للورثة عن الضرر بشقيه المادي والمعنوي نتيجة الخطأ(١٢٢.١٢٣ موجبات) ، استنادا الى الماده
/١٣٤/ موجبات ، فيكون السائق ملزم بدفع تعويض للورثة على قدر نسبة حصة كل منهم الارثية.
وفي حال كان يوجد تأمين للسيارة ، يمكن ادخال شركة التأمين كمسؤول بالمال وتحميلها التعويض بالتضامن مع السائق.
اما بالنسبة للحاجز الاسمنتي الذي كان في وضعية غير صحيحة اي شاذه على الطريق العام ، يمكن ادخال وزارة الاشغال اي الادارة، لمطالبتها بتحمل جزء من المسؤولية في التعويض
لكونها الحارس لهذا الحاجز الاسمنتي الشاذ في موقعه والذي لعب دور في الحادث الى جانب سرعة السائق.
لكن يجب الاشارة هنا، انه اذا كانت المحاكمة جارية امام
القضاء الجزائي، لا يمكن ملاحقة وزارة الاشغال وادخالها في المحاكمة ، لان مسؤوليتها كما قلنا هي استنادا الى الوضع الشاذ للحاجز الاسمنتي ، وهذه المسؤولية هي مسؤولية وضعية (حراسة الجوامد) لا تقوم على اساس الخطأ الجرمي، والمحكمة الجزائية لا تنظر الا في المسؤولية التي تجد مصدرها فيه (اي في الخطأ الجرمي) ، مما يخرج ذلك عن اختصاص القضاء الجزائي . ان نظرية وحدة الخطأ التي على اساسها يفصل القاضي الجزائي في دعويي الحق العام والحق الشخصي لا توجد لها نطاقا للتطبيق عند افتراض الخطأ في المسؤولية الوضعية ، لذلك ينفرد القضاء المدني دون الجزائي في النظر بالمسؤولية عن فعل الشيء تبعا لوضعه الشاذ وامامه يمكن ملاحقة وزارة الاشغال .
وفي حال مراجعة القضاء المدني لا يمكن توزيع التعويض على اساس الاشتراك في الفعل الضار ، ولا على اساس احدى حالتي المادة /١٣٧/ موجبات عند نشوء الضرر عن عدة اشخاص انما يحكم بالتعويض على كل من الملزمين وفقا لمبدأ الالتزام بالكل (obligation in solidum) ، وذلك لاختلاف الاساس القانوني لكل مسؤولية ،كون ان مسؤولية الادارة اي وزارة الاشغال هي مسؤولية وضعية(حراسة الجوامد) وليست ناجمة عن خطأ كمسؤولية السائق ، ويمكن لكل الملزمين بالتعويض ان يرجع على الاخر ، لا وفقا لنسبة مساهمة كل منهم في الضرر ، وانما وفقا لما يستنسبه القاضي المدني من معطيات لكل مسؤولية.
لا بد من الاشارة اخيرا ، الى ان المسؤوليات المدنية المترتبة
على السائق (التقصيرية) وشركة التأمين اذا وجدت وعلى وزارة الاشغال(حراسة الجوامد) ، لا تنفي وجود مسؤوليات اخرى، مثل المسؤولية عن عدم وجود انارة في الشارع ،والمسؤولية عن عدم انفجار كيس الهواء في السيارة ،مما يمكن ان يرتب مسؤولية على مصنعها.
Comments
Post a Comment